«لا يمكن إلقاء العادات القديمة من نافذة الدور العلوي، بل يجب أن تنزل السلم بلطف درجة درجة في كل مرة». بهذه الكلمات الحكيمة يلقي الكاتب "مارك توين" الضوء على أفضل استراتيجية للتخلص من العادات السلبية المتأصلة، واكتساب عادات جديدة تثري حياتنا الشخصية والمهنية.
لماذا نخفق مراراً وتكراراً؟
يرجع السبب في إخفاق الكثيرين عند محاولة اكتساب عادات إيجابية جديدة في سعيهم لإحداث تغيير جذري بين ليلة وضحاها، معتقدين أن الرغبة والإرادة كفيلتان لوحدهما بتحقيق الهدف المنشود. إلا أن ذلك غير صحيح، فاكتساب عادة جديدة يعادل في صعوبته التخلص من عادة سلبية متأصّلة.
قصة الكاتب ستيفن جايز
بعد معاناة طويلة ومحاولات بائسة خرج إلينا الكاتب "ستيفن جايز" بكتابه الجديد تحت عنوان "عادات صغيرة" لينسف المفهوم التقليدي للتغيير الذي ظل سائداً لعقود مديدة، ألا وهو أنك إذا امتلكت الرغبة الكافية والعزيمة الحديدية فيمكن حينها أن تكتسب أي عادة إيجابية بمجرد أن تقرر ذلك، دون حاجة إلى صعود السلم شيئاً فشيئاً.
أما فكرة الكتاب فجاءت عندما خطر على ذهن المؤلف تساؤل بسيط وهو: ماذا لو جرّبت ضغطة واحدة بدلاً من ممارسة التمرينات الرياضية لثلاثين دقيقة؟
ورغم أنه أحسّ بسخافة الفكرة التي خطرت على باله فجاءة، إلا أنه سارع إلى تنفيذها، فألزم نفسه بالقيام بضغطة واحدة على الأقل بصورة يومية. وبعد بضعة أيام لاحظ أنه في أغلب الأوقات يقوم بأكثر مما عقد العزم عليه، وأن ضغطة واحدة كانت كافية لجعله يواظب على التدريب. بينما أخفق عشرات المرات في الماضي عند كان يحاول الانتساب إلى نادٍ رياضي لممارسة التمرينات فيه بشكل يومي أو حتى 3 مرات في الأسبوع. حيث كان كل مرة ينسحب من النادي ويعود بعد فترة ليبدأ من نقطة الصفر، وهكذا دواليك.
ثم شرع بتطبيق هذا المبدأ البسيط على كافة جوانب حياته، فتبيّن له بعد مدة وجيزة أنه حقق تقدماً ملحوظاً لم يشهد له مثيلاً في حياته. إذ استطاع اكتساب العديد من العادات الإيجابية بفضل فكرة واحدة، وهي القيام بالتغيير بخطوات صغيرة للغاية.
عادات متناهية الصغر
إن حياتك اليوم ما هي في الأساس إلى حصيلة عاداتك. فما تفعله بشكل متكرر يشكّل في نهاية المطاف الشخص الذي أنت عليه والنجاح أو الفشل الذي وصلت إليه. أما السبيل إلى الارتقاء بحياتك فيكمن في اكتساب عادات جديدة تثري حياتك.
وحتى تنجح في مسعاك، ابدأ منذ اليوم باتباع الاستراتيجية البسيطة التي ذكرناها، ألا وهي البدء في ممارسة أي نشاط أو عمل بخطوات متناهية الصغر، كأن تقرر قراءة صفحة واحدة من كتاب تحبه كل يوم مهما كانت الظروف والتحديات، أو كتابة ثلاثة أسطر حول أي فكرة أو موضوع يخطر في بالك، أو حتى ممارسة رياضة المشي لمدة خمس دقائق فحسب.
نقطة القوة في هذه الاستراتيجية هي أنك حتى لو شعرت بالتعب أو الضجر أو التكاسل فالمطلوب منك إتمامه لا يحتاج إلى أي جهد يُذكر. فقراءة صفحة واحدة أمر سهل جدّاً على أي شخص كان. وإذا شعرت برغبة في قراءة المزيد فذلك رائع، المهم أنك ملتزم بقراءة صفحة أو المشي لمدة 5 دقائق كل يوم دون انقطاع.
الانضباط الذاتي والنجاح
لم يحقق إنسان على امتداد العصور جميعها النجاحَ إلا من خلال الالتزام اليومي بما قرره مسبقاً. فاعقد العزم منذ اللحظة على اكتساب عادات إيجابية جديدة - بخطوات متناهية الصغر - من شأنها تطوير مستوى معيشتك والارتقاء بمهاراتك وخبراتك، ومدّك بالطاقة اللازمة لتحقيق النجاح. وتذكر دائماً أنه لا شيء مستحيل مع العادات الصغيرة والتغيير التدريجي، «فقليل دائم خير من كثير منقطع».