كريونيكس - حفظ الخلايا الحية بالتبريد
إن كريونيكس هي تقنية حفظ الخلايا الحية بالتبريد، التي يتسابق الكثير من المشاهير والأثرياء للتسجيل بها، على أمل أن يستعيدوا حياتهم من جديد في المستقبل.
على الرغم من أن تقنية " cryonics" تشبه الحلم أو الرواية أو إحدى قصص الخيال العلمي، ولكن بعض المنظمات والمؤسسات تحاول أن تفعل الشيء ذاته في الواقع.
ما هي مؤسسة ألكور لايف إكستينشن؟
تعتبر منظمة ألكور لايف إكستينشن " "Alcor Life Extension الموجودة في أريزونا بالولايات المتحدة الامريكية، إحدى أشهر العيادات العالمية التي تقدم عمليات التجميد الفريدة من نوعها (مع وجود العديد من العيادات الأخرى ببعض دول العالم)،.
وعلى الرغم من ان التقنيات الحالية لا تسمح بإعادة الشخص للحياة، لكن العديد من العلماء لديهم أمل أن يسمح لهم التقدم الطبي في أحد الأيام أن يعيدوا الخلايا الحية المحفوظة بالتبريد الى الحياة مرة أخرى.
وربما يمكننا اعتبار أنه من المستغرب أن الكثير من الأثرياء ومشاهير العالم يضعون أملهم بتقنية حفظ الخلايا الحية بالتبريد، لعلهم يحافظون على أجسادهم بعد الموت، بل وينفقون عليها مئات الآلاف من الدولارات، ومن هذه الشخصيات التي اعتمدت على تقنية كريونيكس مؤسس شركة باي بال " PayPal" العالمية المدعو بيتر ثيل.
ومن جانبه فقد قال الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة ألكور "ماكس مور" أنه يعتقد أن إنقاذ الشخص من الموت سيكون ممكن في المستقبل، وأن قول كلمة موت كلمة تعسفية حسب اعتقاده.
ما هي تقنية كريونيكس (حفظ الخلايا الحية بالتبريد)؟
إن تقنية كريونيكس " cryonics" تعتمد على تجميد جثة الإنسان بالتبريد، وهي تختلف قليلاً عن تقنية كريوجونيكس " Cryogenics" التي تكون عبر تخزين جثة الإنسان بحرارة منخفضة.
تعتمد تقنية كريونيكس على تخزين الجثة بدرجات حرارة منخفضة للغاية قد تتراوح بين (-130) درجة مئوية وحتى (-320) درجة مئوية، وذلك بأمل أن يتطور العلم بصورة اكبر من عالمنا الحالي، بالشكل الذي يسمح بإعادة الإنسان للحياة في المستقبل (وفق زعم بعض العلماء).
ولكي تبقى أعضاء جسم الإنسان خلال عمليات التخزين والتجميد سليمة وليس فيها أي ضرر، فإن العيادات الخاصة بالتجميد تستخدم واقيات للحفظ من التبريد أو التجميد، وهي من التقنيات المشابهة للتقنيات التي تستخدم لحماية بعض أعضاء جسم الإنسان، التي قد يتبرع بها الانسان بعد موته، وذلك لكي تحفظ الأعضاء من العفن مما يسمح باستخدامها ونقلها لجسد إنسان آخر.
إن من يقوم بالاشتراك في إحدى عيادات تقنية حفظ الخلايا الحية بالتبريد أو التجميد، ينتظر تولي فريق الاستجابة في تلك العيادة ليقوموا خلال دقائق أو ساعات قليلة من وفاة الشخص بغمر جسده بالثلج، مع ضمان وصول الأكسجين والدم الى دماغ هذا الشخص.
كما أن الفريق المسؤول عن العمل يحقن الجثة بمادة "الهيبارين" التي تمنع تخثر الدم أثناء نقل الجثة من مكان وفاة الشخص الى المرافق الخاصة بالتجميد.
وفي هذه المرافق توضع جثة المتوفي على آلة مهمتها ان تدور داخل الدم مع المحافظة على الأوكسجين، وفي نفس الوقت يجري ضخ بلورات بالجسم الخاضع لتقنية كريونيكس لوقايته من التجمد، وهذا المحلول يعمل كمضاد للتجمد مهمته منع الأنسجة في جسم الإنسان من أن تتحول خلال سنوات التجميد الى بلورات جليدية، لأن الأنسجة والاعضاء إذا تجمدت ستتلف حتماً.
يقوم المتخصصون في عيادة حفظ الخلايا الحية بالتبريد بعد ذلك بتبريد جثة الشخص بصورة بطيئة لتصل الى ما يقارب (-320) عبر غرفة بخار للنتروجين السائل، ثم تنقل الجثة الى خزان يحتوي على النتروجين السائل، وتوضع بشكل مقلوب بدرجة حرارة تقارب (-320.8) درجة مئوية .
والهدف من هذه العملية ان لا يتضرر الدماغ بأي شكل، لأن إعادة الشخص الى الحياة (كما يقولون ) تحتاج أولاً الى سلامة الدماغ مع بقاء خلايا الجسم بحالة سبات.
أهم المعلومات عن كريونيكس أو علم حفظ الخلايا الحية بالتبريد:
هناك الالاف من الأشخاص في العديد من دول العالم الذين اشتركوا بتقنية كريونيكس بالرغم من تكاليفها العالية، وهذا ما قد نراه مدهشاً وغريباً الى حد ما.
جرت أول عملية حفظ الخلايا الحية بالتبريد في الشهر الأول من عام 1967م، فبعد وفاة العالم الامريكي جيمس بيدفورد المختص بعلم النفس خضعت جثته للتبريد، ليكون اول إنسان في العالم يقوم بذلك، وما زال جسد هذا العالم مجمداً حتى يومنا هذا في شركة ألكور لايف إكستينشن.
أما أسعار هذا الإجراء فهي مكلفة جداً في عيادة التبريد الامريكية هذه، فتكلفة الاشتراك من أجل حفظ الجسد بشكل كامل هي مائتين ألف دولار، كما يمكن حفظ الرأس فقط دون باقي أعضاء الجسد مقابل ثمانين ألف دولار.
من المثير للدهشة أنه وبالرغم من عدم وجود أي دليل علمي يشرح او يؤكد أن تقنية كريونيكس ممكن أن تمنح الشخص حياة جديدة، وبالرغم من التكاليف المالية العالية للغاية، فإن فكرة حفظ الخلايا الحية بالتبريد تزداد انتشاراً بمعدل 8% كل سنة، وهي تلقى شعبية كبيرة لدى بعض الاثرياء والمشاهير في العالم.
تعتبر جثة امرأة توفيت بعمر 101 سنة أكبر الجثث المخزنة وفق كريونيكس، بينما أصغرها فهي لطفلة تبلغ العامين من عمرها.
وقد وصل الامر مع شركة التجميد الروسية "كريورس" أنها سمحت لعملائها أن يحافظوا على حيواناتهم الأليفة من خلال تقنية حفظ الخلايا الحية بالتبريد.
مناقشة تقنية كريونيكس من الناحية الأخلاقية:
دون الدخول في نقاش هذه التقنية من الناحية الدينية كونها تحتاج لبحث مستقل، فإن الجدال في أخلاقية هذه العملية كبير جداً.
حيث يرى المعارضون أن العلماء بهذا المجال يحاولون تغيير مفهوم الموت، بالرغم من ان التقدم العلمي لم يظهر إمكانية الإحياء للأشخاص بعد موتهم، ويظهر الأمر أن فيه استغلال ويحتاج لتكاليف باهظة الثمن من أجل أمر احتماله ضعيف للغاية.
ومن جهة أخرى فإن حجج المؤيدين لتقنية كريونيكس يرون أن هناك فائدة محتملة لها، وقد يكون لها فائدة على الشخص والمجتمع، وأن الشخص يسجل بهذه التقنية وفق حريته ورغبته، ويجب احترام هذه الحريات والرغبات.
تقنية حفظ الخلايا الحية بالتبريد من الناحية القانونية:
في السابق كان الشخص لا يمكن له أن يسيطر على جسده بعد الموت، حيث يتم دفن الجسم، أو حرقه، أو التخلص منه وفق إحدى الطرق، حسب الدين أو المنطقة والدولة التي ينتمي إليها المتوفي.
ومع مرور الوقت باتت العلمانية تسيطر على معظم الدول في العالم الغربي، وقد سمحت القوانين الوضعية فيها بالولاية القضائية على جسم الانسان، وأصبح له سلطة تقديرية بتنفيذ رغباته بعد أن يتوفى.
إن جميع الدول وبصورة طبيعية تعتبر الاشخاص الخاضعين لعملية حفظ الخلايا الحية بالتبريد أشخاص قد فارقوا الحياة قانوناً، ولا تسمح بإبقاء قيودهم على قيد الحياة.
قامت مقاطعة كولومبيا التابعة للتاج البريطاني في عام 2015م بحظر الترتيبات التي تعمل على حفظ الجسم بالتبريد.
بينما نجد أن روسيا الأكثر سهولة بإجراءات حفظ الجسم بعد الموت من خلال التبريد، وهي من التقنيات التي تقع خارج قطاع دفن الموتى أو الصناعات الطبية فيها.
بينما تسمح الولايات المتحدة بعمليات الحفظ وفق اجراءات ترتبط مع المشارح أو المستشفيات، فالقانون الامريكي لا يفرّق بين التبرع بالأعضاء وحفظ الخلايا الحية بالتبريد، ويتعامل معهما على أنهما أمران متساويان من الناحية القانونية.
في العام 2016م شهدت العاصمة البريطانية لندن حكم صادر عن المحكمة الإنجليزية العليا سمح بحفظ فتاة مريضة لا أمل بشفائها وهي بعمر 14 سنة، وذلك بناء على طلب والدتها وبخلاف رغبة والدها.
وبختام مقالنا لهذا اليوم نسأل الله تعالى ان نكون قد قدمنا لكم كل المعلومات المفيدة عن أحدث ما توصلت إليه تقنية كريونيكس أو حفظ الخلايا الحية بالتبريد.